أسس اختيار موضوع البحث العلمي
يُعدُّ اختيار موضوع البحث العلمي الخطوة الأولى والأهم في مسيرة إعداد أي بحث علمي، إذ أن الموضوع هو لُبُّ البحث وجوهره الذي يدور حوله البحث بأكمله، لذلك فإن الاختيار السليم والمُحكم لموضوع البحث يجنب الباحث الوقوع في العديد من المطبات والمشكلات أثناء مسيرة بحثه، ويوفر له الوقت والجهد، فضلاً عن كونه يُسهم بشكل كبير في الوصول إلى نتائج علمية موضوعية وقيّمة.
أسس-اختيار-موضوع-البحث-العلمي |
أولاً: أنواع الموضوعات البحثية
تتنوع الموضوعات البحثية وتختلف باختلاف زاوية النظر، ومن أبرز أنواع الموضوعات ما يلي:
- 1. موضوعات مهنية: وهي الموضوعات المرتبطة بمجال التخصص المهني أو الدراسي للباحث.
- 2. موضوعات تطبيقية: وتركز على جانب التطبيق العملي لنظريات ومفاهيم محددة.
- 3. موضوعات معرفية (نظرية): وهي الموضوعات التي تتناول الجوانب المعرفية وتطوير النظريات.
- 4. موضوعات مفاهيمية: وتدور حول مفاهيم ومصطلحات بعينها بغرض توضيحها وتحديد معانيها.
- 5. موضوعات مكانية: مرتبطة بمنطقة جغرافية محددة.
- 6. موضوعات زمانية: خاصة بفترة زمنية معينة سواء ماضية أو حاضرة أو مستقبلية.
ثانياً: مواصفات الموضوع البحثي الجيد
يجب أن تتوفر في الموضوع البحثي عدة مواصفات أبرزها:
- 1. الجودة والأصالة: بمعنى أن يتميز الموضوع بالتجديد وطرح أفكار وتساؤلات لم يسبق طرحها من قبل.
- 2. يواكب التطورات: في المجتمع واهتمامات الناس وحاجاتهم.
- 3. إمكانية تطبيقه عملياً واستخلاص نتائج وتوصيات ذات فائدة واقعية.
- 4. يتسم بالوضوح وعدم الغموض بحيث يكون الموضوع قابل للبحث العلمي وواضح في موضوعاته .
ثالثاً: مصادر اختيار موضوع بحثي
يستقي الباحث أفكار موضوع بحثه من مصادر متعددة، من أبرزها:
- 1. اهتمامات الباحث وميوله وخبراته السابقة في مجال معين.
- 2. توجيهات الأساتذة والمشرفين ومجالات أبحاثهم.
- 3. الاتجاهات الحديثة والمستجدات في مجال التخصص العام للباحث.
- 4. متابعة المؤتمرات والندوات العلمية ذات الصلة بتخصص الباحث.
- 5. قراءة الأدبيات والدراسات السابقة، وتحديد الثغرات البحثية أو النقاط التي تحتاج إلى مزيد من البحث.
رابعاً: محددات اختيار موضوع البحث
هناك بعض المحددات والضوابط التي ينبغي مراعاتها عند اختيار موضوع البحث منها:
- 1. الموضوعية وعدم الانحياز أو التحيز لوجهة نظر معينة.
- 2. أن يكون الموضوع مرتبطاً بمجال التخصص الدقيق للباحث أو مجال اهتمامه.
- 3. ملاءمة الموضوع لاحتياجات وقضايا المجتمع.
- 4. توافر المصادر والمراجع حول الموضوع.
- 5. إمكانية جمع البيانات والمعلومات اللازمة للبحث في هذا الموضوع.
خامساً: أخطاء شائعة في اختيار موضوع البحث
من الأخطاء الشائعة:
- 1. اختيار موضوعات تقليدية مكررة بشكل كبير.
- 2. الانسياق وراء الموضوعات الرائجة في فترة زمنية محددة.
- 3. اختيار موضوع غامض أو غير محدد المعالم بشكل دقيق.
- 4. اختيار موضوع يفتقر إلى الجانب التطبيقي أو لا يلبي احتياجات البيئة.
- 5. محاكاة موضوعات بحوث سابقة دون جديد يُضاف.
سادساً: دوافع اختيار موضوع البحث
تتعدد الدوافع وراء اختيار الباحث لموضوع بحثه، منها:
- 1. دوافع ذاتية: كالرغبة في معالجة موضوع معين بناءً على اهتمام شخصي أو ميل فكري.
- 2. دوافع مجتمعية: مثل رغبة الباحث في خدمة مجتمعه والإسهام في حل مشكلاته.
- 3. دوافع وظيفية: لارتباط الموضوع بطبيعة عمل الباحث.
- 4. دوافع مستقبلية: كرغبته في تطوير ذاته في مجال معين يخطط للعمل به.
- 5. دوافع علمية بحتة: كتعميق معرفته أو سد الفجوة في موضوع ما.
سابعاً: تقويم المشكلة البحثية
بعد اختيار الموضوع، تأتي الخطوة المهمة وهي تحديد المشكلة البحثية التي سيعالجها البحث، ويتم تقويم المشكلة من عدة جوانب أهمها:
- 1. القيمة العلمية المضافة للبحث ومجاله التربوي.
- 2. قدرة الباحث على معالجة هذا الموضوع بما يملكه من إمكانيات.
- 3. مساهمة البحث في تحقيق أهداف مستقبلية للباحث.
- 4. إمكانية تطبيق نتائج وتوصيات الدراسة.
ثامناً: آلية تسجيل موضوع البحث
يختلف تسجيل الموضوع من جهة لأخرى، ومن الآليات:
- 1. مناقشة الموضوع مع المشرف الأكاديمي في ضوء خطة البحث المقترحة، ثم تسجيله رسمياً بعد الموافقة.
- 2. تقديم الموضوع إلى مجلس القسم في الكلية أو الجامعة لاعتماده.
تبدأ هذه الرحلة بفحص أنواع الموضوعات البحثية المختلفة، حيث يعمل الباحث على تحديد الطابع الذي يتناسب مع أهدافه وتوجهاته. ينبغي عليه أن يضع في اعتباره مواصفات الموضوع البحثي الجيد، الذي يكون جادًا وأصيلًا، وفي نفس الوقت قابلاً للتطبيق وملائمًا لاحتياجات المجتمع.
بجانب ذلك، قد يكون اختيار الموضوع ذا طابع شخصي، حيث يتأثر بالاهتمامات الشخصية والخبرات السابقة للباحث. كما يعتمد على توجيهات البحث والاتجاهات الحديثة في المجال العلمي الذي يدرسه.
تعتبر آليات المساعدة في اختيار الموضوع داعمًا أساسيًا للباحث، حيث يستفيد من نقاش الموضوع مع الزملاء والأساتذة الأكاديميين، ويتفاعل مع المؤسسات البحثية للحصول على الدعم والإرشاد.
في نهاية المطاف، تكمن النجاحات البحثية في دوافع اختيار الموضوع، سواء كانت ذاتية، مجتمعية، وظيفية، مستقبلية، أو علمية. يجب على الباحث أن يقوم بتقويم المشكلة البحثية بعناية وأن يتسلح بالإرادة للمضي قدماً في تحليلها وفهمها.
في النهاية، يُسجل الباحث موضوع بحثه بشكل رسمي، وبهذا يكون قد وقع خطوة أساسية في رحلته العلمية. إن اختيار موضوع البحث العلمي يظل قرارًا استراتيجيًا يحمل تأثيرات عميقة، ويعكس تفرد الباحث وإسهامه في بناء جسور المعرفة وتطوير المجتمع.