ملخص في الحريات العامة التعديل الدستوري 2020
تشهد الجزائر تطورا كبيراً في الحريات العامة خلال السنوات الأخيرة، حيث تم إجراء تعديل دستوري في عام 2020 بهدف تعزيز الحريات العامة وتحقيق الديمقراطية الشاملة. ولقد أبدى المؤسس الدستوري الجزائري اهتماما كبيراً بشأن حقوق وحريات المواطنين، وكان له موقف قوي في دعم الحريات السياسية.
تهدف هذه المقالة إلى استكشاف الحريات العامة في الجزائر وفقًا للتعديل الدستوري عام 2020. سنناقش موقف المؤسس الدستوري الجزائري من الحريات السياسية، وسنستعرض الصورة العامة للحريات العامة في الدستور الجزائري. بالإضافة إلى ذلك، سنتناول الحريات السياسية في الدستور الجزائري، ونبحث في تأثير الظروف الاستثنائية على هذه الحريات وضماناتها.
تعرف الظروف الاستثنائية على أنها "حالات استثنائية يتطلب فيها اتخاذ إجراءات غير عادية للتعامل مع أزمات محددة مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الهجمات الإرهابية."
ملخص في الحريات العامة |
ماهو موقف المؤسس الدستوري الجزائري من الحريات السياسية ؟
الدستور الجزائري لعام 1996، قبل التعديلات التي تمت في عامي 2008 و2020، لم يعتمد على تقسيم الموضوعات المتعلقة بالحريات إلى فصول متميزة بنفس الطريقة التي يفعلها بعض الدساتير الأخرى. وفي هذا الدستور، تم تخصيص الفصل الخامس في الباب الأول لوصف الواجبات المطلوبة من المواطنين، مثل المساواة في الضرائب والدفاع عن الوحدة الوطنية. أما المادة 30 في الفصل الرابع، فتعنى بحقوق الحريات العامة.
ففي التعديل الدستوري لعام 2020 في الجزائر، تم التركيز على الحقوق والحريات العامة في الباب الثاني بعنوان "الحقوق الأساسية والحريات العامة والواجبات". وقد تم تخصيص الفصل الأول من هذا الباب لوصف الحقوق الأساسية والحريات العامة في 43 مادة تتعامل مع أبرز الحريات التي يكفلها الدستور الجزائري للمواطنين والمقيمين الأجانب على أراضيها.
عند قراءة التعديل الدستوري لعام 2020 بشكل موضوعي، نجد أنه لم يوفر وصفًا مفصلًا لحقوق وحريات الفرد والجماعة والسياسة والاقتصاد في العنوان نفسه. واكتفى بإضافة مصطلح "الأساسية". هذا الأمر مناسب من الناحية المنهجية للانتقال من العموم إلى التخصيص. ومع ذلك، يُعد نقصًا آخر في التعديل هو الانتقال من الحريات الجماعية إلى الحريات الفردية دون توفير توازن في العرض.
في الوقت الذي يُذكر فيه الحق في اكتساب الجنسية كحق شخصي يعكس الولاء بين المواطن وبلده في المادة 36، يتبع ذلك بحقوق شخصية فردية، ثم ينتقل سريعًا في المادة 37 إلى المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية الجماعية للمواطنين، مما يجعل الانتقال غير مترابط وغير متناسق.
ومع ذلك، من الجيد أن يُشير التعديل إلى الأمن القانوني وسبل تحقيقه من خلال ضمان الوصول إلى التشريعات المتعلقة بحقوق وحريات الأفراد ووضوحها واستقرارها.
ماهو تقسيم الحريات العامة في الدستور الجزائري ؟
تقسيم الحريات العامة في الدستور الجزائري يتناول أربعة مواضيع رئيسية:
- 1. الحريات السياسية: تعترف بأهمية المساواة وحقوق المواطنين في الجنسية وتأسيس الأحزاب السياسية، مما يعكس تحولًا في الدستور الجزائري من النظام الحكم الأحادي إلى النظام التعددي.
- 2. الحريات الاقتصادية: يتم تعزيز فكرة الانفتاح الاقتصادي من خلال فتح الأسواق وتشجيع التجارة والاستثمار، مع التأكيد على حماية المستهلكين وضمان حقوقهم الاقتصادية.
- 3. الحريات القضائية: تشمل حقوق الدفاع والعدالة، مثل مبدأ المشروعية وقرينة البراءة وحق التعويض عن الخطأ القضائي، وتحد من التعسف في مرحلة التحقيقات الأولية.
- 4. الحريات الاجتماعية: تشمل حقوق العمل والتعليم والرعاية الصحية، وتؤكد على حقوق المواطنين العاجزين وضمان العيش الكريم لهم، بالإضافة إلى حق تشكيل النقابات وممارسة الإضراب.
هناك أمور لا يجوز التعديل عليها وفقًا لواضعي الدستور الجزائري، مثل الطابع الجمهوري للدولة، النظام الديمقراطي، الإسلام كدين للدولة، اللغة العربية كلغة رسمية، الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن، سلامة التراب الوطني ووحدته، ورموز الثورة والجمهورية. تعديل الدستور الأخير أضاف الطابع الاجتماعي للدولة واعترافًا باللغة التامازيغت كلغة وطنية ورسمية.
ماهي الحريات السياسية في الدستور الجزائري ؟
في الدستور الجزائري، تعد الحريات السياسية جزءًا أساسيًا من الحقوق العامة. يضمن الدستور حقوقًا هامة تشمل حرية التعبير، وحرية التجمع، وحق الانتماء السياسي، وحقوق المشاركة في الحياة السياسية والانتخابات.
تعريف ومفهوم الحريات السياسية :
تشمل الحريات السياسية في الجزائر حق الحرية السياسية والحق في الانتماء السياسي. يتضمن ذلك حق المواطنين في التعبير عن آرائهم السياسية بحرية، والانضمام إلى الأحزاب السياسية والمشاركة في النشاطات السياسية. كما تضمن الدستور حقوق الاجتماع والتجمع السياسي، حيث يحق للأفراد التجمع والتجمع مع الآخرين للتعبير عن آرائهم السياسية والمشاركة في النقاشات والتجمعات السياسية.
بهذا التقسيم، يُعزز الدستور الجزائري حقوق المواطنين في المشاركة السياسية والتعبير عن آرائهم، مما يسهم في تعزيز الممارسة الديمقراطية وتعزيز الحكم الشرعي والشفافية في الجزائر.
ماهي أهم الأمثلة عن الحريات السياسية في الجزائر ؟
تهدف الحريات السياسية في الدستور الجزائري إلى تعزيز التنمية والاستقرار في المجتمع من خلال توفير الحقوق التي تمكن الأفراد من المشاركة في إدارة شؤون الدولة واتخاذ القرارات السياسية. بعض هذه الحريات تشمل حرية التحزب والانضمام إلى الأحزاب السياسية، وحرية الإعلام والتعبير، وحرية إنشاء الجمعيات والانضمام إليها.
- 1-حرية إنشاء الجمعيات:
ينظم القانون العضوي رقم 12/06 في الجزائر شروط وكيفيات إنشاء الجمعيات. يشجع الدستور الجزائري حرية إنشاء الجمعيات ويحميها، وتم تعديله في عام 2020 لتسهيل إنشاء الجمعيات من خلال التصريح بها بدلاً من الحصول على ترخيص مسبق من الحكومة. وتتمتع الجمعيات بحماية دستورية، حيث لا يمكن حلها إلا بقرار قضائي.
- 2- حرية التحزب :
فقد شهدت الجزائر تطورًا جذريًا في التعددية الحزبية. يسمح الدستور بحرية إنشاء الأحزاب السياسية، مع الالتزام بضوابط تحمي المصلحة العامة وتحافظ على القيم والمكونات الأساسية للهوية الوطنية والأمن القومي. يمنع الدستور تأسيس الأحزاب السياسية على أساس تمييزي أو اقصائي لفئات معينة، مثل الأسس الدينية أو اللغوية أو العرقية أو الجنسية أو المهنية أو الجهوية.
توفر الحريات السياسية في الدستور الجزائري حقوقًا مهمة للأحزاب السياسية، مثل حرية الرأي والتعبير والاجتماع، وممارسة السلطة على المستوى المحلي والوطني من
خلال التداول الديمقراطي. تهدف هذه الحقوق إلى تعزيز المشاركة السياسية وتمكين الأفراد من المساهمة في صنع القرارات السياسية في البلاد.
- 3- حرية الرأي (التعبير والاتصال) والصحافة:
في التعديل الدستوري لعام 2020 في الجزائر، تم التأكيد على حرية الرأي وحرية العقيدة في المادة 51، مع تأكيد حماية حقوق الصحفيين وعدم مساس الصحافة بكرامة الآخرين وحرياتهم وحقوقهم في المادة 54.
ورغم ذلك، تعرضت القوانين المتعلقة بالإعلام للانتقاد بسبب اشتراطاتها التي حددها المشرع والتي يجب احترامها في ممارسة الإعلام، وهذه الاشتراطات اتسمت بعدم الدقة والغموض،
مثل :
- الهوية الوطنية والقيم الاجتماعية للمجتمع
- المصالح الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
- السيادة الوطنية والوحدة الوطنية
- متطلبات أمن الدولة وسلامتها
كما فرضت قيودًا على حرية الإصدار من خلال شروط معززة وإجراءات اعتماد ومنحت صلاحيات واسعة لضبط الصحافة المكتوبة. ومع ذلك، تم تلافي هذه القيود من خلال الدستور الجديد لعام 2020 الذي أكد حرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية، وحماية حرية التعبير والإبداع للصحفيين وحتى المتعاونين في الصحافة، ومنحهم الحق في إنشاء الصحف والنشريات بمجرد التصريح، ومنع تطبيق عقوبات سالبة للحرية على جنحة الصحافة.
كما تضمن الدستور أنه لا يمكن توقيف نشاط أي وسائل إعلامية إلا بقرار قضائي. يمكن رؤية في هذه الضمانات الدستورية ضمانات هامة لحرية التعبير والصحافة في الجزائر، مما يجعلها قوة رابعة قادرة على ممارسة ضغط قوي، شريطة استخدامها لصالح المصلحة العامة وصالح البلاد.
- 4- حرية الاجتماع:
التعديل الدستوري لعام 2020 أدخل تعديلات على حرية التعبير والاجتماع والتظاهر السلمي في الجزائر. وفقاً للتعديل، يتمكن الأفراد من ممارسة هذه الحقوق السياسية بمجرد التصريح دون الحاجة إلى ترخيص مسبق. تعديل 2016 أضاف مصطلح "التظاهر السلمي" ضمن حق التجمع، والذي يتم تنظيمه وفقاً للقانون.
يتم تصنيف التجمهر على أنه تجمع جمهور في مكان عام قد يشكل خطراً على النظام العام، بينما المظاهرة تكون سلمية وغير مسلحة وتهدف إلى التعبير عن آراء مجموعة من المواطنين في قضايا اجتماعية أو سياسية. يتم ترخيص المظاهرة من قبل السلطات المختصة بعد التأكد من احترامها للقيود والضوابط القانونية.
ومن ناحية أخرى، يمكن أن يعتبر التجمهر جريمة يعاقب عليها وفقاً لقانون العقوبات إذا لم يتم الامتثال لنداء السلطات بالتفريق.
- 5-حرية الترشح والانتخاب:
حرية الترشح في الانتخابات هي حرية سياسية أساسية تعتبر أحد أعمدة الديمقراطية، وتعني حق كل فرد في الترشح والمشاركة في العملية الانتخابية والتعبير عن إرادته السياسية. تضمنت هذه الحرية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 21) والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (المادة 25).
وتهدف هذه الحرية إلى تمكين المواطنين من تولي وظائف ومناصب قيادية والمشاركة في إدارة الشؤون العامة بشكل مباشر أو عبر ممثلين يتم اختيارهم بحرية. كما تتضمن أيضًا حق المواطنين في التصويت والاختيار في انتخابات دورية وعامة بناءً على المساواة، ويجب أن تتم الانتخابات بطريقة سرية وتضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين.
في الجزائر، أقر المؤسس الدستوري حق المواطنين في الانتخاب والترشح وفقًا للتعديل الدستوري لعام 2020. يتيح هذا الحق للمواطنين تجسيد مبدأ الديمقراطية التشاركية في إدارة الدولة من خلال الهيئات المنتخبة على المستوى المحلي والهيئة التشريعية.
ومع ذلك، يتم ممارسة حرية الترشح والمشاركة السياسية في إطار القانون والقيود القانونية. يجب احترام هذه القيود والضوابط التي وضعها المشرع الجزائري، والتي تهدف إلى ضمان الأمن العام واستقرار الدولة ومؤسساتها. قد يتم تطبيق عقوبات إدارية وجزائية على الأشخاص الذين ينتهكون هذه القيود، وتنص قوانين الأحزاب السياسية على هذه العقوبات.
ومن أجل ضمان المزيد من الحماية وتعزيز حرية الترشح، قام المشرع الجزائري بتقديم ضمانات أكبر وتسهيل إجراءات الترشح، ومن بين هذه الضمانات استبدال إجراء الترخيص بإجراء التصريح فقط، مما يخفف من القيود المفروضة على حرية الترشح.
وبالتالي، يمكن القول أن حرية الترشح في الانتخابات تعتبر حقًا سياسيًا أساسيًا، ومع ذلك، يجب مراعاة القيود والضوابط التي تفرضها القوانين والتشريعات لضمان الأمن العام واستقرار الدولة.
مامدى تأثير الظروف الاستثنائية على الحريات السياسية في الجزائر ؟
تعيش الدول في بعض الأحيان ظروفا استثنائية تستدعي إجراءات خاصة للحفاظ على الأمن والاستقرار. ويجب ضمان استمرارية وحماية الحريات السياسية أثناء هذه الظروف الاستثنائية.تعرف الظروف الاستثنائية على أنها "حالات استثنائية يتطلب فيها اتخاذ إجراءات غير عادية للتعامل مع أزمات محددة مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الهجمات الإرهابية."
تتطلب تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية وجود شروط محددة، بما في ذلك وجود أزمة حقيقية وخطيرة تهدد الأمن العام والاستقرار. يجب أن تكون التدابير التي تتخذها الحكومة مشروعة ومتناسبة مع الأزمة الموجودة.
ماهو موقف المشرع الجزائري من الظروف الإستثنائية ؟
موقف المشرع الجزائري من نظرية الظروف الاستثنائية يتضح من التعديل الدستوري لعام 2020. المادة 97 تنص على أنه "في حالة الضرورة الملحة، يحق لرئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ أو الحصار بعد استشارة هيئات محددة لاستعادة الأمن."
وتم تحديد مدة قصوى لحالة الطوارئ أو الحصار بثلاثين يومًا، ولا يمكن تمديدها إلا بموافقة البرلمان. وهذا يهدف إلى تجنب انتهاك الحقوق والحريات خلال هذه الظروف الاستثنائية عكس ماجاء في دستور 2016.
من جانبه، يتضمن التعديل الدستوري المادة 98 التي تنص على حالة الظروف الاستثنائية بشكل مستقل. ويمكن لرئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ في الظروف الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يمكن أن يؤثر على مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها.
يحدد التعديل المدة القصوى لهذه الحالة بستين يومًا، ويشترط استشارة رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس المحكمة الدستورية، واستماع المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء.
نلاحظ أن المقارنة بين حالة الطوارئ أو الحصار وحالة الظروف الاستثنائية تكشف عن اختلافات في الجهات المشاركة والإجراءات المطلوبة. في حالة الطوارئ أو الحصار، يجب استشارة رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني، بينما في حالة الظروف الاستثنائية، يتم الاستماع لمجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس المحكمة الدستورية.
يتم أيضًا إبلاغ الأمة بالوضعية الاستثنائية عن طريق خطاب من رئيس الجمهورية. ولا يمكن تمديد الحالة الاستثنائية إلا بعد موافقة أغلبية أعضاء البرلمان المجتمعين معا.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التدابير الاستثنائية تهدف إلى استتباب الأمن والحفاظ على استقرار الدولة، لكنها يجب أن تتوافق مع حقوق وحريات المواطنين قدر الإمكان، وتقوم على أساس القوانين والتشريعات المعمول بها.
ماهي ضمانات ممارسة الحريات السياسية خلال الظروف الاستثنائية في الجزائر ؟
يجب أن يكون هناك ضمانات تضمن ممارسة الحريات السياسية خلال الظروف الاستثنائية، مثل ضمان الحق في الحياة السياسية والتعبير والمشاركة في القرارات السياسية بطرق سلمية وديمقراطية. تنص المادة 98 من التعديل الدستوري على أنه بعد انقضاء مدة الحالة الاستثنائية، يجب عرض القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية خلال تلك الفترة على المحكمة الدستورية لإبداء الرأي بشأنها. هذه الضمانة تهدف إلى تعويض الأضرار الناجمة عن انتهاك الحريات العامة خلال تلك الظروف. ومع ذلك، لا يزال غير واضح ما إذا كانت هذه الآراء ملزمة للسلطة التنفيذية أم لا.
خلال الحالة الاستثنائية، يُمنح رئيس الجمهورية صلاحيات استثنائية للقيام بإجراءات ضرورية للحفاظ على استقلال الأمة ومؤسساتها الدستورية. وفي هذه الفترة، يجتمع البرلمان بشكل إلزامي لاستصدار التشريعات اللازمة لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية، وهذا يُعتبر ممارسة لنظام الأنجلوسكسونية، حيث يتم اللجوء إلى البرلمان لتشريع التدابير اللازمة في حالة حدوث ظروف استثنائية.
ومن الواضح أن هناك تهديدًا واحتمالية لانتهاك الحقوق والحريات العامة للأفراد بهدف حماية المصلحة العامة واستقرار الدولة وأمن مؤسساتها. بعض القيود التي تم فرضها في الجزائر على ممارسة الحريات السياسية خلال الظروف الاستثنائية تشمل:
- فرض قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والتنقل والإقامة والتجوال في أماكن أو أوقات محددة.
- فرض رقابة على الصحف والنشرات والمطبوعات.والوسائل الإعلامية، وقد يتم تقييد حرية التعبير وحرية الصحافة.
قد تتم أيضًا فرض قيود على حق الاحتجاج والتظاهر السلمي، حيث يتم تنظيم تجمعات الأشخاص وفقًا للضوابط والقوانين المحددة والمسموح بها في ظروف الاستثناء. قد يتم فرض تصاريح وتراخيص مسبقة لتنظيم التجمعات العامة.
من الجدير بالذكر أنه على الرغم من وجود هذه القيود والتدابير الاستثنائية، فإن المادة 98 من التعديل الدستوري تنص على ضرورة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية بقدر الممكن، وأن تكون هذه الإجراءات مؤقتة ومقتصرة على فترة الاستثناء فقط.
مع ذلك، يعتبر هذا الإجراء استثنائيًا ويحتاج إلى ضمانات لمنع سوء الاستخدام والتجاوزات. من المهم أن تتم مراقبة ومراجعة هذه القيود من قبل السلطة القضائية والمحكمة الدستورية لضمان الامتثال للقانون وحماية حقوق المواطنين.
يجب أن تكون القيود والتدابير الاستثنائية ضرورية ومتناسبة مع الهدف المطلوب، وينبغي رفعها فور انتهاء الظروف الاستثنائية لاستعادة الحريات الكاملة للمواطنين.
ماهي أهم الأمثلة عن الظروف الإستثنائية في الجزائر ؟
تبنت دول العالم إجراءات استثنائية وتدابير احترازية لمكافحة انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) من بينها الجزائر ، حيث أثرت هذه الإجراءات على العديد من المجالات مما أدى الى انتشار (الفقر، البطالة، الإفلاس، الأمن الغذائي، وتدهور قطاع التعليم).
على الرغم من ذلك، اتحدت الدول للتصدي للجائحة وتعاونت بناءً على الأطر الدولية للتعاون الاجتماعي، والتي تجدر الإشارة إليها في ميثاق الأمم المتحدة في الفصل التاسع والمواد 55-60. ورغم أن هذه الإجراءات تهدف لتحقيق حماية اجتماعية دولية، إلا أنها أيضًا تقيد بعض الحقوق والحريات العامة، وتبرر ذلك بضرورة المحافظة على المصلحة العامة.
بعض الدول مثل مصر والمغرب وفرنسا أعلنت حالات الطوارئ الصحية، في حين أعلنت الجزائر حالة الحجر الصحي للحفاظ على النظام العام. هذا التأثير تجلى أيضًا في حرية الرأي والتعبير وحرية الاجتماع، حيث فرضت بعض الدول قيودًا على :
- وسائل الإعلام
- مراقبة الوصول إلى المعلومات
- تقييد حق التجمع والاحتجاج
ومع ذلك، لا يزال للأفراد الحق في ممارسة حرياتهم السياسية، وتستمر وسائل الإعلام والأحزاب السياسية والجمعيات والمجتمع المدني في أداء أدوارها بصورة قانونية. ويظل القضاء الإداري يمارس رقابته على الإدارة العامة في ظل الظروف الاستثنائية، وهذا ما يتماشى مع الممارسات القانونية .
خاتمة
في النهاية، يتبين لنا أن الحفاظ على الحقوق والحريات العامة في ظل الظروف الاستثنائية يشكل تحديًا حقيقيًا. تتطلب ممارسة الإجراءات الاستثنائية حساسية وتوازنًا دقيقًا بين حفظ المصلحة العامة والحفاظ على حقوق وحريات الأفراد.
فعلى الرغم من فرض بعض القيود والتقييدات، إلا أنه يجب أن يظل الهدف الأسمى هو الحفاظ على النظام العام والسعي لصيانة الحقوق والحريات العامة والسياسية وهذا ماحاول التعديل الدستوري 2020 تكريسه من خلال الحرص على صيانة الحقوق والحريات العامة والسياسية، بما في ذلك حرية التظاهر السلمي وحرية التعبير وحرية الصحافة.
وهذا ما توضحه المادة 34 من التعديل الدستوري لسنة 2020، التي تعزز مبدأ احترام الأحكام الدستورية المتعلقة بالحقوق الأساسية والحريات العامة وتضمناتها لجميع السلطات والهيئات العمومية، وتشدد على أنه لا يمكن قيد تلك الحقوق والحريات إلا وفقًا للقانون ولأسباب تتعلق بالنظام العام والأمن وحماية حقوق وحريات أخرى التي يكفلها الدستور، وبخاصة حماية حرية التظاهر السلمي وحرية التعبير وحرية الصحافة.
تأتي التوصيات المطروحة كآليات لضمان ممارسة فعالة للحريات السياسية والحفاظ على النظام العام. من خلال تعزيز الشفافية وتحسين القوانين العضوية المتعلقة بتنظيم ممارسة الحريات السياسية، والعمل على ابعاد الفساد المالي عن السياسة، وتعزيز استقلالية القضاء، يمكن تحقيق بيئة ديمقراطية حقيقية تعكس إرادة المواطنين وتضمن حقهم في المشاركة في صنع القرارات السياسية.
علاوة على ذلك، يجب توجيه جهود لتعزيز التوعية السياسية في المجتمع وتعليم الشباب قيم المواطنة والمشاركة السياسية. يجب أيضًا أن يتم تطوير التكنولوجيا الحديثة لتمكين المواطنين من ممارسة السياسة بشكل فعال، مع الحرص على حماية خصوصيتهم وحقوقهم.
على الحكومات أن تلتزم بحماية حق حرية التعبير والتجمع، وأن تقيد استخدامها فقط بموجب القانون، وذلك حماية للأمن القومي والنظام العام.
قائمة المصادر :
- "الحريات العامة وحقوق الإنسان" بقلم إبراهيم السالم الأخضر.
- "الحريات العامة في الدساتير والقوانين" بقلم عبد الفتاح الدوسري.
- "حقوق الإنسان والحريات العامة" بقلم محمد مصطفى الشبيب.
- "ضمانات ممارسة الحريات السياسية خلال الظروف الإستثنائية في الجزائر" بقلم د.جميلة قدودو.
- "الحريات العامة في القانون الدستوري" بقلم طلال الشبل.
- "حقوق الإنسان والحريات الأساسية" بقلم عادل الشربيني.
- "الحقوق الأساسية والحريات العامة في القانون الدستوري" بقلم عادل المعموري.
- "حقوق الإنسان والحريات العامة في القانون الدستوري" بقلم رفيق العشيري.
- "الحريات العامة في القانون الدستوري الجزائري" بقلم محمد بودالي.
- "الحريات العامة والتشريع الدستوري" بقلم علي مقلد.
- "الحريات العامة والديمقراطية" بقلم عبد الله بوشمة.