التحديات القانونية في مكافحة الجريمة الإلكترونية
اتخذت العديد من الدول إجراءات تشريعية لمكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية المجتمع الرقمي. تندرج الجزائر ضمن هذه الدول التي أصدرت تشريعات خاصة لهذا الغرض، حيث سعت لتقديم الحماية القانونية للمعلومات الشخصية وسرية المراسلات الإلكترونية وتطبيق العقوبات على المخالفين.
ماهو مفهوم الجريمة الإلكترونية؟
تعرف الجريمة الإلكترونية (أو الجريمة المعلوماتية) عمومًا على أنها أي نشاط غير قانوني يتم تنفيذه باستخدام وسائل إلكترونية أو تقنية المعلومات. تشمل هذه الجرائم عدة أشكال مثل الاحتيال الإلكتروني، والاختراق القرصنة، وتوزيع البرامج الضارة، وسرقة الهوية، والتجسس الإلكتروني، والتحريض على الكراهية عبر الإنترنت، وغيرها.
ماهي الآليات القانونية لمكافحة الجريمة الإلكترونية في الجزائر ؟
في إطار مكافحة الجرائم الإلكترونية ومواجهة التحديات التي تطرأ نتيجة التقدم التكنولوجي، قام المشرع الجزائري بتعديل قانون العقوبات بموجب "القانون رقم 15/04"، وذلك لتجريم الأفعال المرتبطة بأنظمة الحاسوب. يأتي هذا التعديل نتيجة تأثر المشرع بالتطورات التكنولوجية والتحولات الجديدة في مجال الجريمة الإلكترونية التي نشأت نتيجة الثورة المعلوماتية وقد تم إدخال التعديلات في المواد 394 مكرر إلى المادة 394 مكرر 7 من قانون العقوبات.
ماهي صور وأنواع الجريمة الالكترونية ؟
فيما يلي نظرة عامة على صور الجريمة الإلكترونية التي ترتكبها الأفراد الطبيعيون والأشخاص المعنويون وفقًا للقانون العقوبات الجزائري:
- الجرائم المرتكبة من طرف الشخص الطبيعي:
- جريمة الدخول غير المشروع في المنظومة المعلوماتية (مادة 394 مكرر).
- جريمة البقاء في المنظومة المعلوماتية دون وجه قانوني أو مصلحة قانونية (مادة 394 مكرر).
- إدخال أو إزالة المعطيات في نظام المعالجة الآلية بطرق تدليسية (مادة 394 مكرر 1).
- جرائم نشر وحيازة واتجار في المعطيات المحظورة أو المعالجة أو المرسلة بواسطة منظومة معلوماتية (مادة 394 مكرر 2).
- جريمة نشر المعطيات وافشائها (مادة 394 مكرر 2 فقرة 1).
- جريمة إعاقة سير المعلومات المرسلة عن طريق منظومة معلوماتية بغرض القرصنة والاتجار فيها.
- جريمة حيازة البيانات أو المعطيات.
- جرائم الشخص المعنوي القانوني:
- جرائم المعلوماتية المرتكبة من طرف الشخص المعنوي (مادة 394 مكرر 4).
- جريمة تكوين جمعية الأشرار المعلوماتيين لغرض التحضير للجرائم المساسة بالأنظمة المعالجة الآلية (مادة 394 مكرر 5).
ماهي أركان الجريمة الإلكترونية ؟
تتألف الجريمة الالكترونية من الركن الشرعي، الركن المادي، والركن المعنوي. هنا هو توضيح لكل ركن:
- 1. الركن الشرعي: يتمثل في النصوص القانونية التي تحكم الجريمة الإلكترونية. هذه النصوص القانونية تحدد السلوكيات التي تعتبر جرائم وتحدد العقوبات المنصوص عليها.
- 2. الركن المادي: يتمثل في السلوكيات المادية المجرمة التي ترتكب في سياق الجريمة الإلكترونية. على سبيل المثال، اختراق الأنظمة المعلوماتية، سرقة البيانات، نشر المعلومات المحظورة، تعطيل الخدمات الإلكترونية، وما إلى ذلك.
- 3. الركن المعنوي: يتمثل في القصد الجنائي للجريمة الإلكترونية. يشير إلى النية الشريرة أو العمد المتعمد للقيام بالسلوك المجرم في سياق الجريمة الإلكترونية. يعني ذلك أن الشخص يقصد تنفيذ الجريمة أو التسبب في الضرر بوعي وعمد.
كما سنستعرض في هذا المقال، أهم التشريعات الجزائرية المتعلقة بمكافحة الجرائم الإلكترونية،بحيث سنتناول القانون رقم 04/09 المتعلق بالقواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها، والقانون رقم 04/15 المتعلق بالتوقيع والتصديق الإلكترونيين، والقانون رقم 04/18 المتعلق بالقواعد العامة المتعلقة بالبريد والاتصالات الإلكترونية.
القانون رقم 04/09:
القانون المتعلق بالقواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها، يهدف إلى تحديد الإجراءات اللازمة لمكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية الأفراد والمؤسسات من التهديدات الرقمية. ينص القانون على حماية الخصوصية والسرية في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. يتضمن القانون أحكامًا تتعلق بالمراقبة الإلكترونية، والتحقيقات القضائية، والتعاون الدولي في مكافحة الجرائم الإلكترونية.
القانون رقم 04/09 المتعلق بالقواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها يشمل عدة نقاط هامة، وفيما يلي أبرز هذه النقاط:
- 1. حماية الخصوصية والسرية: يعزز القانون حماية الخصوصية والسرية في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. يتطلب من الأفراد والمؤسسات احترام خصوصية البيانات وعدم الاعتداء عليها أو استخدامها بطرق غير قانونية.
- 2. مكافحة الجرائم الإلكترونية: يهدف القانون إلى توفير إطار قانوني لمكافحة الجرائم الإلكترونية. ينص على الإجراءات اللازمة للتحقيق في الجرائم الإلكترونية وتقديم العقوبات المناسبة للمتورطين.
- 3. التعاون الدولي: يؤكد القانون على أهمية التعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية. يشجع على تبادل المعلومات والتعاون بين الجهات القضائية والأمنية في الدول المختلفة لمواجهة التهديدات الرقمية عبر الحدود.
- 4. التحقيقات القضائية: يحدد القانون إجراءات التحقيق القضائي في الجرائم الإلكترونية. يتطلب من الجهات القضائية القدرة على جمع الأدلة الرقمية واستخدام التقنيات المتقدمة للتحقيق والكشف عن الجرائم الإلكترونية.
- 5. المسؤولية القانونية: يحدد القانون المسؤولية القانونية للأفراد والمؤسسات في حالة ارتكاب جرائم إلكترونية. يتضمن ضوابط وقواعد للحماية القانونية وتقديم العقوبات المناسبة للمتسببين في الجرائم.
- 6. الوقاية والتوعية: يشجع القانون على تعزيز الوعي والتوعية بأمن المعلومات والجرائم الإلكترونية. يلزم المؤسسات والجهات الحكومية بتبني سياسات وإجراءات لتعزيز الوعي والحماية وتثقيف الجمهور حول مخاطر الجرائم الإلكترونية.
يتعين على الأفراد والمؤسسات الالتزام بأحكام القانون رقم 04/09 واتخاذ التدابير اللازمة لحماية أنفسهم ومواجهة التهديدات الرقمية. يعد هذا القانون خطوة مهمة في توفير بيئة آمنة للاستخدام الآمن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجزائر.
القانون رقم 04/15:
يتعلق بالتوقيع والتصديق الإلكترونيين، ويهدف إلى تنظيم استخدام التوقيع الإلكتروني وتأكيد صحته وقانونيته. ينص القانون على جرم إفشاء البيانات الشخصية أو اساءة استعمالها، وجرم الإخلال بسرية البيانات، وينص على العقوبات المناسبة لكل من يرتكب هذه الجرائم.
القانون رقم 04/15 المتعلق بالتوقيع والتصديق الإلكترونيين يتضمن عدة نقاط هامة، وفيما يلي أبرز هذه النقاط:
- 1. التوقيع الإلكتروني: يعترف القانون بصحة التوقيع الإلكتروني ويجعله معادلاً للتوقيع الورقي التقليدي. يتطلب أن يتوفر في التوقيع الإلكتروني عناصر محددة للتأكد من هوية الموقع وسلامة البيانات.
- 2. حماية البيانات الشخصية: ينص القانون على ضرورة حماية البيانات الشخصية وعدم الاعتداء عليها أو استخدامها بطرق غير قانونية. يعاقب أي شخص يقوم بإفشاء البيانات الشخصية أو اساءة استعمالها بالحبس والغرامة.
- 3. الحماية القانونية للتوقيع الإلكتروني: يحدد القانون العقوبات القانونية لأي شخص يقوم بالتزوير أو التلاعب بالتوقيع الإلكتروني. يهدف إلى ضمان صحة وأمان التوقيعات الإلكترونية ومنع أي تلاعب بها.
- 4. سرية البيانات والمعلومات: يلتزم القانون بحماية سرية البيانات والمعلومات المتعلقة بشهادات التصديق الإلكترونية. يجب على مقدمي خدمات التصديق الإلكتروني الحفاظ على سرية هذه المعلومات وفي حالة انتهاك ذلك يتعرض المخالف للعقوبات القانونية.
- 5. التعاون الدولي: يشجع القانون على التعاون الدولي في مجال التوقيع والتصديق الإلكتروني. يتطلب تعاون الدول في تطوير القوانين والممارسات القانونية لتعزيز استخدام التوقيع الإلكتروني وتبادل المعلومات ذات الصلة.
- 6. التوقيع الرقمي الموثوق: يعطي القانون أهمية كبيرة للتوقيع الرقمي الموثوق، الذي يستخدم تقنيات متقدمة لضمان صحة التوقيعات الإلكترونية. يعمل على تعزيز الثقة في البيئة الإلكترونية وتسهيل العمليات التجارية والمعاملات الرقمية.
يهدف القانون رقم 04/15 إلى تنظيم وتوفير الأطر القانونية اللازمة لتطوير واستخدام التوقيع والتصديق الإلكتروني في الجزائر، مما يعزز الثقة والأمان في البيئة الرقمية ويسهم في تسهيل العمليات والمعاملات الإلكترونية.
القانون رقم 04/18:
يتعلق بالقواعد العامة المتعلقة بالبريد والاتصالات الإلكترونية، ويهدف إلى حماية سرية المراسلات والبيانات التي تنتقل عبر البريد ووسائل الاتصال الإلكترونية. يتضمن القانون عقوبات لمن ينتهك سرية المراسلات الإلكترونية أو يقوم بتحويل المراسلات الصادرة عن طريق البريد بطرق غير قانونية.
القانون رقم 04/18 المتعلق بالقواعد العامة المتعلقة بالبريد والاتصالات الإلكترونية يشمل عدة نقاط رئيسية، وفيما يلي أبرز هذه النقاط:
- 1. حماية سرية المراسلات الإلكترونية: يؤكد القانون على ضرورة حماية سرية المراسلات الإلكترونية التي تتم عبر البريد الإلكتروني أو وسائل الاتصالات الإلكترونية الأخرى. يُعاقب أي شخص ينتهك سرية المراسلات أو يفشي مضمونها أو يستخدمها بدون ترخيص بالحبس والغرامة.
- 2. عدم تحويل المراسلات الصادرة: ينص القانون على منع تحويل المراسلات الصادرة عبر البريد الإلكتروني أو وسائل الاتصالات الإلكترونية الأخرى. يُعاقب أي متعامل للاتصالات الإلكترونية يقوم بتحويل المراسلات بالحبس والغرامة.
- 3. حماية الحياة الخاصة للأفراد: يحث القانون على عدم مساس استخدام شبكات وخدمات الاتصال الإلكترونية بالحياة الخاصة للأفراد. يُعاقب أي شخص ينتهك هذا الحق بالحبس والغرامة.
- 4. التعاون الدولي وتطوير القوانين: يشجع القانون على التعاون الدولي في مجال البريد والاتصالات الإلكترونية، وذلك من خلال تبادل المعلومات وتطوير القوانين والسياسات المتعلقة بالمجال.
- 5. العقوبات القانونية: يحدد القانون العقوبات القانونية للمخالفين، وتشمل الحبس والغرامة بمجموعة متنوعة من القيم المحددة.
يهدف القانون رقم 04/18 إلى تنظيم وحماية البريد والاتصالات الإلكترونية في الجزائر كما ويهدف إلى حماية سرية المراسلات والبيانات التي تنتقل عبر البريد ووسائل الاتصال الإلكترونية .
فيديو للتوضيح :
ماهي أهم التحديات التي تواجه المجتمع القانوني في مكافحة الجريمة الإلكترونية ؟
مع التطور السريع للتكنولوجيا وانتشار استخدام الإنترنت، أصبحت الجريمة الإلكترونية واحدة من التحديات الأمنية الرئيسية التي تواجه المجتمعات في العصر الحديث اليك أهم التحديات التي تواجه مكافحة الجريمة الالكترونية :
- 1. تطور التكنولوجيا: يعد التقدم التكنولوجي السريع والمستمر تحديًا رئيسيًا. فمع كل تقدم جديد في التكنولوجيا، تظهر أساليب جديدة لارتكاب الجرائم الإلكترونية، مما يتطلب من القانون أن يتعاقب بشكل سريع وفعال.
- 2. الحدود القانونية: قد تواجه القوانين الحالية صعوبة في مواجهة الجرائم الإلكترونية، بسبب عدم مواكبتها للتطور التكنولوجي السريع. قد يحتاج القانون إلى تحديث وتعديل لمواجهة هذه التحديات الجديدة.
- 3. التعاون الدولي: الجريمة الإلكترونية لا تعترف بالحدود الجغرافية، ويمكن أن تتم بسهولة من قبل أفراد ومجموعات في مختلف أنحاء العالم. لذلك، يصبح التعاون الدولي في مكافحة الجريمة الإلكترونية ضرورة حتمية، ولكن هناك تحديات في تنسيق الجهود ومشاركة المعلومات بين الدول المختلفة.
- 4. الخصوصية وحقوق الفرد: يجب أن يكون هناك توازن بين حماية المجتمع من الجرائم الإلكترونية وحماية خصوصية الأفراد وحقوقهم. ينبغي أن تضمن التدابير القانونية الفعالة القدرة على ملاحقة المجرمين دون المساس بالحقوق الأساسية للأفراد.
- 5. التحديات القضائية: يمكن أن تواجه الأجهزة القضائية صعوبة في التعامل مع الجرائم الإلكترونية بسبب التعقيدات التقنية المرتبطة بها. قد يحتاج القضاة والمحققون إلى التدريب المستمر والتحديث القانوني لفهم ومواجهة التحديات الجديدة المرتبطة بالجرائم الإلكترونية.
هذه بعض التحديات الرئيسية التي يواجهها القانون في مكافحة الجريمة الإلكترونية. يمكنك استخدام هذه النقاط لتوجيه مقالك حول هذا الموضوع المهم.
في ختام هذا المقال، يمكننا أن نستنتج أن إصدار القوانين الخاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية يعكس تطور التكنولوجيا وتزايد استخدام الإنترنت ووسائل الاتصال الإلكترونية في حياتنا اليومية. تعد هذه القوانين أدوات قانونية ضرورية للتصدي للتحديات القانونية والأمنية الناشئة عن الجرائم الإلكترونية.
تأتي هذه التشريعات كخطوة هامة في تعزيز الأمن الرقمي وحماية المعلومات الشخصية في الجزائر. تضع هذه القوانين قواعد واضحة وعقوبات رادعة للتصدي للجرائم الإلكترونية والمخاطر الأمنية المرتبطة بها. إن حماية الخصوصية وسرية المعلومات الشخصية تعد أولوية للمجتمع الرقمي، ويجب على الأفراد والمؤسسات الالتزام بالقوانين والتشريعات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية.
من المهم أيضًا زيادة الوعي وتعزيز التعليم في مجال الأمن الرقمي والجرائم الإلكترونية، حيث يلعب الأفراد دورًا حاسمًا في حماية أنفسهم ومنع الاعتداءات على خصوصيتهم. يجب أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين الجهات المعنية، بما في ذلك القطاع الحكومي والخاص والمجتمع المدني، لضمان فعالية التشريعات وتطبيقها بشكل صحيح.
مع استمرار التطور التكنولوجي، يجب أن تظل التشريعات الجزائرية متجددة ومتوافقة مع التحديات الجديدة التي تطرأ في مجال الجرائم الإلكترونية. يجب أن يكون هناك التزام مستمر بتعزيز الحماية القانونية للأفراد والمؤسسات، وتطوير السياسات والإجراءات التي تعزز الأمان الرقمي وتحد من التهديدات الرقمية المستمرة.
قراءة وتنزيل المقال
المصادر :
فيما يلي قائمة ببعض المراجع الجزائرية التي يمكن الاستفادة منها لمزيد من المعلومات حول القوانين المذكورة:
- قانون العقوبات الجزائري
- قانون رقم 09-04 المؤرخ في 14 شعبان عام 1430 الموافق 05 غشت سنة 200
- 2.قانون رقم 15-04 المؤرخ في 11 ربيع الثاني عام 1436 الموافق 01 فبراير سنة 2015
- قانون رقم 18-04 المؤرخ في 24 شعبان عام 1439 الموافق 10 مايو سنة 2018
- موقع سلطة الضبط الجزائرية https://www.arpce.dz/ar